فؤاد بوعلي
يقول برناردشو: "من عيوب الديمقراطية أنها تجبرك على الاستماع إلى رأي الحمقى"
من حسنات الحالة الثورية التي يعيشها العالم العربي فضحها للنخبة المتحكمة في القرار الفكري والحقوقي وإبرازها لموقعها الحقيقي المفارق للمجتمع. إذ لم تتوان هذه الأصوات المنعزلة جماهيريا واجتماعيا من تقديم نفسها المعبرة عن قيم الحداثة والتنمية ووصف المجتمع الذي تعيش فيه بالتخلف والنفاق. فكما أبرزت ثورات الربيع العربي ارتباطها الإيديولوجي بالاستبداد واستغلال السلطة لتمرير مشروعها، برهنت الانتخابات التي عرفتها بعض البلاد قزمية تمثيليتها ونخبوية خطابها بل مصادمته للمشترك الجمعي.
ولأن لكل شيء علة وجود فإن هذا الكلام لا يمكن فصله عن سياقه العام والخاص. فمع اقتراب شهر رمضان من كل عام، وفي مقابل حالة الاحتفاء التي تسم المشهد الاجتماعي المغربي، تحتفي بعض الأصوات العلمانية على طريقتها. حيث تتعالى أصوات المتحدثين عن الحريات الفردية واتهام المجتمع المغربي بمحاربتها. وكأنها تتعالى لتختفي مع إطلالة الشهر وتعلن نهايتها بفشلها لتعاود الانكماش. ففي السنوات الماضية تمحور النقاش حول حرية الإفطار خلال هذا الشهر ومحاولات البعض باسم الحقوق تنظيم إفطارات جماعية تصدت لها الساكنة بالرفض والمواجهة. وفي هذه السنة يدور النقاش حول الحرية الجنسية بعد ندوة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي راهنت على فرض نماذج قيمية بديلة في كل المجالات تحت مزاعم الدفاع عن الحقوق والحريات العامة وذلك في سياق مطالبتها بتعديل الفصل 490 من القانون الجنائي. ولو تأملت في المشهد الإعلامي والثقافي ستجد تعابير لمثل هذه الأصوات تزكم الساحة الفكرية دون أن يكون لها اثر في الواقع المغربي . وهذا ما يفرض علينا إبداء بعض الملاحظات الأولية:
ــ لا يمكن فصل هذا النقاش عن مسار الاصطفاف الذي تعيشه المجتمعات العربية. فبعد فشل هذه الأصوات في تسيد القرار السياسي وانتباهها إلى حجمها الحقيقي بعد سنوات من الوهم بدأت في خلق المتاعب والعراقيل للحكومات المنتخبة تارة باسم حقوق العمال كما فعلت النقابات الاتحادية ومن يدور في فلكها، وتارة باسم الحقوق الثقافية، وتارة باسم حقوق المجتمع وحرياته الفردية. وبالرغم من اختلاف العناوين فالمقصد واحد وإن تعددت الروايات المؤلفة. ولنا في التجربتين التونسية والمصرية دليل يبرز تماثل الغاية ، حيث استفاقت هذه الأصوات بعد مدة بضرورة إفشال التجربة الحالية والعودة إلى النموذج الاستبدادي الذي تقتات منه وجودها.
ــ أزمة سدنة الخطاب العلماني الاستئصالي داخل المجتمع هو رهانها على إسقاط الذات على المجتمع. إذ تبني على تجاربها الذاتية وواقعها الضيق ومسلكياتها الخاصة الشاذة مواقف تحاول فرضها على المجتمع بأسره. فالأمر في هذه الحالة لا يتعلق بمبادئ حقوقية أو دفاعا عن قضايا مجتمعية بقدر ما هو حالة نفسية خاصة تحاول تبرير سلوكها اليومي بمبادئ كلية وجر الجماعة للخضوع لنزواتها الفردية. فالخمر والإفطار في رمضان والدعارة والشذوذ الجنسي والعري باسم الفن...غدت في عرف هؤلاء عناوين لقيم بديلة تحاول مسخ المشترك المغربي باسم الحرية.
ــ أثبتت أحداث سابقة شهدتها بعض مدن وقرى المملكة منطق التعامل مع حقوق المجتمع. فحين انتفضت ساكنة عين اللوح "الأمازيغية" ضد الدعارة والفساد اعتبرت هذه الهيئات ذلك تدخلا في حقوق الإنسان وهجمة "أصولية" تقودها حكومة العدالة والتنمية، لكن حين رغب بعض "الشواذ" مواجهة المجتمع بالإفطار في واضحة النهار وإن عبر الناس عن رفضهم كان ذلك حرية خاصة. مما يثبت ان الحقوق عند هؤلاء تكون مشرعنة ويجوز الدفاع عنها إذا أدت إلى منظومة القيم البديلة التي تحاول فرضها وفصلا داخل أجندة التجزئ الاجتماعي الذي تقتات عليه.
ــ لقد فرض الدستور المغربي واقعا جديدا لم تقدر هذه الأطراف على استيعابه. فكلنا يتذكر محاولاتها الدؤوبة لفرض قيمها العلمانية على المغاربة باسم الحداثة والكونية وهو ما اصطدم بإصرار القطب الهوياتي ممثلا في العلماء والحركة الإسلامية وبعض الأحزاب السياسية وبتوافق مع المؤسسة الملكية لعدم المساس بموقع الدين الإسلامي. وكعادتها في التعامل الانتقائي مع النصوص النظرية والتأسيسية واختيار ما يسند مزاعمها من التراث أو الحاضر توقفت عند النص الدستوري متجاهلة تأكيده على:"المملكة المغربية دولة إسلامية، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية" و"أن الهوية المغربية تتميز بتبوإ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها" و" تستند الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي" و"الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية." فكلها نصوص لم ولن تتمكن هذه الأصوات من رؤيتها وقراءتها ومقاربتها مادامت لا توافق منطلقاتها القيمية وغايتها التجزيئية ومادام الدستور يلح دوما على كون الإسلام دين الدولة ومصدر التشريع الأساس ومقدمة ثوابت المشترك المغربي. فإسلامية الدولة لا تعني رفض الأديان أو الاختيارات العقدية بل ضمان حرية العقيدة مبدأ أصيل ومقنن بشكل لا يصادم الاختيار الجماعي.
ـــ لم ينس المشرع الإشارة إلى العلاقة بين الكوني والخاص بشكل قد يحسم النقاش لو كان موضوعيا من خلال "جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة". وبقراءة عرضية ودون تعمق في التحليل يستشف المتابع أن المقصود بالأمر هو ثنائية التشريع الوطني والاتفاقيات الدولية حين انضباطها لأحكام الدستور وضوابط الهوية وفي البابين معا يكون الإسلام هو الأصل.
ـ لم يستطع الخطاب العلماني استيعاب الاختلاف الفكري والإجرائي في فهم الحرية حيث ظل يجتر مفاهيم تم تجاوزها حتى في الفكر الفلسفي الأوربي. فإطلاقية المفهوم وعدم تحديده غدا أمر مستشنعا في التجربة المعاصرة بل أصبح الاقتناع بأن الحدود التي رسمها الطبع والوعي والانتماء هي ضابط وجود الإنسان الذي أنتج على مدار كينونته جملة من القيم المعبرة عن رؤيته للطبيعة وللعالم والتي غدت ضوابط تقيد مسلكياته في أفق ضمان الاستمرار والتميز عن مكونات الطبيعة الأخرى. وكما قال ايزايا برلين في كتابه " حدود الحرية" : "على الذين يؤمنون بالحرية كتوجيه ذاتي عقلاني، أن يفكروا عاجلاً أم آجلاً في كيفية استخدامها لا في حياة الفرد الخاصة وحسب، بل في علاقته مع أفراد مجتمعه الآخرين أيضاً (...) فكيف يمكن تلافي التصادم مع رغبات الآخرين في هذه الحال؟ أين تقع الحدود الفاصلة بين حقوقي (التي يحددها المنطق) وحقوق الآخرين المشابهة لحقوقي". لذا فالحرية الجنسية التي تغنى بها أصحاب هذا الزعم هي جزء من محاولات خلخلة النظام الاجتماعي وطغيان الفرد على الجماعة وتقديم المصلحة الذاتية العرضية على مصلحة الجماعة المؤسسة.
ــ بأسلوب قدحي وهجومي على المجتمع يتهم الناس في خطاب هؤلاء بالنفاق. والمقصود في هذا السياق جموع المغاربة الذين اختاروا الاحتماء بمشتركهم الجمعي والاجتماعي وعقيدتهم وانتمائهم الأخلاقي. وفي هذه الصياغة التي تكررت على لسان أكثر من صوت من هذه الأصوات النشاز تبرز حالة انفصام ذاتي تتمظهر في الاعتلاء على المجتمع وجلد الذات التي ترفض في وعي هؤلاء مما أنتج جرأة على قيم المجتمع المغربي ثقافيا وفكريا ودينيا. لذا فإن كان تسامح المغاربة قد سمح لهؤلاء بالكلام فإن صبرهم على هذه الجرأة على الدين والقيم لن يطول كثيرا.
أثبتت الأحداث التي عرفها المجتمع المغربي أن الخيار الديمقراطي الذي سيد القطب الهوياتي لم يكن ليروق لأعداء الانتماء المغربي بمقوماته العقدية والتاريخية والثقافية. لذا اختارت عرقلة هذا الخيار باسم الحداثة والكونية والانتقام من مجتمع رفضها قبل أن يلفظها.
...تابع القراءة

 أحمد عصيد
لم يفهم العديد من الفاعلين الإسلاميين، وخاصة منهم الذين ما فتئوا يناوئون الحريات الفردية بالمغرب، معنى أن تتحيز الجمعية المغربية لحقوق الإنسان للقيم الإنسانية وللحريات ضد أية خصوصية ضيقة تنتهي غالبا إلى إهانة الإنسان و هضم حقوقه الأساسية. و ذهب البعض منهم من الذين يقرأون مواقف غيرهم بتسرع، إلى أننا نهدف إلى فصل الأخلاق عن أية مرجعية، و الحقيقة أن الأمر يتعلّق بالدفاع عن تعدّد المرجعيات، الذي هو واقع لا ينكر، و عن سمو القيم الكونية التي تتجاوز بطبيعتها كل الأديان، لأن الأخلاق أوسع من الدين، دون أن يعني هذا عدم وجود أخلاق دينية، و لكن الصعوبة تكمن في إقناع المتشدّدين في الدين بوجود مرجعية كونية تقوم أساسا على اجتهاد العقل البشري المستقل عن أية سلطة ميتافيزيقية، و الذي يستلهم تجارب الإنسان و تراكم خبراته عبر تاريخ الحضارات الطويل.
فالمشكلة تكمن أساسا في كون الأوامر و النواهي الدينية تكتسي طابعا مطلقا و إن كانت قد انبثقت من مجتمع خصوصي، بينما تكتسي القيم الكونية طابعا نسبيا يسمح للإنسان بإعادة النظر فيها حسب المصالح و الأوضاع و السياقات التي قد تنقلب رأسا على عقب بين فترة تاريخية و أخرى، فإذا كان الدين الإسلامي مثلا يتضمن بعض المبادئ الأخلاقية ذات الصبغة الكونية مثل النهي عن الكذب و الأمر بحسن معاملة الأبوين و عدم الغش في الميزان، فإنه يتضمن في نفس الوقت مبادئ لا يمكن اليوم الدفاع عنها بأي حال من الأحوال، لأنها ترتبط بسياق سوسيوثقافي لم يعد قائما، و ذلك مثل إباحة ضرب النساء و كل أخلاق معاملة العبيد و الإماء و شرعيات الرق و العبودية، و النهي عن تناول مأكولات أو مشروبات معينة و عن اختلاط الجنسين، أو عن الجلوس بشكل معين أو ارتداء أثواب معينة أو الموقف من الغناء و الرقص و استعمال الآلات الموسيقية إلخ..
فهذه كلها و كثير غيرها أخلاق دينية خصوصية غير قابلة للتعميم على أفراد المجتمع الواحد فكيف بمجتمعات العالم، إلا في حالة قيام أنظمة شمولية ذات طابع ثيوقراطي تفرض منظومة أخلاق دينية بقوة الحديد و النار و بالرقابة البوليسية كما هو الشأن في إيران أو العربية السعودية، أو كما كان عليه الشأن أيام الإرهاب الكنسي في القرون الوسطى الأوروبية. غير أنّ هذه النماذج البغيضة تنطوي في صميم حقيقتها الإجتماعية على مفارقات مضحكة مبكية، فما يجري وراء الأبواب و الأسوار لا علاقة له بالواجهة الخارجية التي تحرص السلطة و قوى التقليد المتزمتة على فرضها، فنسبة الأطفال المغتصبين في السعودية حسب الإحصائيات المعلنة من قبل منظمات حقوقية تصل إلى 44 في المائة، و هي نسبة مهولة تدلّ على وجود مجتمع مريض و منحرف و بعيد كل البعد عن الأخلاق الإنسانية، كما أن الذين يعرفون حق المعرفة المجتمع الإيراني يؤكدون بأنّ أعدادا كبيرة من النساء الإيرانيات يقضين وقتهن في اصطياد المغامرات الجنسية المثيرة من وراء "التشادور" المحروس ببنادق الحرس الثوري. و هذا ما يكشف عن سطحية مفاهيم "العفة" و "الكرامة" لدى المتشدّدين، فالمرأة التي يتم تلفيفها في أنواع القماش الأسود هي أبعد ما تكون عن العفّة و الكرامة في واقع الأمر، لأن هاتين القيمتين لا ترتبطان بالمظاهر الخارجية للسلوك، كما أنهما لا تنفصلان عن الحرية وعن التربية العقلانية السليمة.
إن ما يهدف إليه المتطرفون و مروّجو الإيديولوجيا الوهابية باللغط الذي يحدثونه بين الفينة و الأخرى حول الآداب و الفنون و الأخلاق هو إعادة دولة الإستبداد القديمة، و ذلك بصنع واجهة أخلاقية من الورع المفتعل الذي يخفي وراءه كل أنواع الإنحراف المشينة، و الأمراض النفسية و التناقضات القاتلة، في مناخ من الرقابة و عنف السلطة و ظلام الروح. إنها لعبة أقنعة فجّة و نماذج مجتمعية فاسدة غير صالحة للإستيراد، و من المؤسف أن ثمة من يسعى إلى زرع بذرتها الخبيثة في المغرب، مما ستكون له عواقب وخيمة على الوعي العام و على مشروع التحديث و الدمقرطة بكامله، إذا لم تتنبه القوى الديمقراطية و تتعبأ للعمل في عمق المجتمع لتجاوز عوامل التخلف و النكوص.
...تابع القراءة

د. عبدالوهاب الأفندي
اعترفت الحكومة السودانية، قولاً وفعلاً، بأنها تواجه أزمة غير مسبوقة مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد سياساتها المالية والاقتصادية الأخيرة، وتصاعد الدعوات لإسقاطها بين المتظاهرين. فقد اعترف الإعلام الرسمي بوجود وتنامي المظاهرات، بعد ان كان يتجاهلها في السابق، ويصف ما يرشح عنها من أنباء بأنه من قبيل الأوهام وتمني الأماني. وتسابق المسؤولون في الحديث عن التفريق بين المظاهرات السلمية المحمية دستورياً، والتخريب الذي سيتم التصدي له بحسم. وقد بلغ الأمر أن الرئيس نفسه تحدث عن المظاهرات، مقللاً من شأنها، وملمحاً إلى استنفار أنصار النظام و'المجاهدين' للتصدي لها، مع التأكيد بالا حاجة لذلك، وأن التصدي سيكون عبر أجهزة الدولة.
عملياً، قامت الحكومة بتطويق مقرات الأحزاب المعارضة واعتقال الناشطين، كما عمدت إلى اعتقال الصحافيين المشتغلين بتغطية الاحتجاجات. وقد تصدت الشرطة والأجهزة الأمنية بـ 'حزم شديد' للمظاهرات، تماماً كما هددت السلطات. ولا شك أن هذا الاستنفار غير المسبوق، والإجراءات 'الاستباقية' تعبر عن قلق عميق لدى المسؤولين من خطورة الاحتجاجات، رغم التهوين الرسمي من شأنها. وقد تلخصت الاستراتيجية حتى الآن في محاولة القضاء على التظاهرات في المهد، وعدم السماح لها بالتمدد خارج نطاق نقاط انطلاقها.
هناك إذن دلائل تشير إلى أننا أمام تطور نوعي، وبوادر هبة شعبية غير مسبوقة، تشير جزئياً إلى عودة الروح إلى شرايين الحياة السياسية في السودان على مستوى الشارع والساحات العامة بعد طول كمون. وسيكون لهذه التحركات أثرها في تحفيز التغيير السياسي، والتسريع به. وليس بالضرورة أن يكون هذا الأثر فورياً. فالمتتبع لمسار الثورات العربية (والثورات السودانية السابقة) يلاحظ أن التحركات الممهدة تستغرق وقتاً قد يصل إلى عدة سنوات قبل أن تؤتي أكلها. ففي مصر وتونس بدأت التحركات الاحتجاجية التي تبلورت حول حركة كفاية في مصر وتحالف 18 أكتوبر في تونس عام 2005. وفي السودان نفسه تم التمهيد لثورة أكتوبر 1964بانتفاضة مهجري السد العالي بدءاً من عام 1961، والاحتجاجات النقابية والطلابية خلال عام 1963 وعواقب تصاعد حرب الجنوب في العام نفسه. وفي عهد النميري، بدأت موجات الاحتجاجات مع انتفاضة شعبان (أغسطس- سبتمبر 1973) الطلابية والنقابية، ثم انتفاضات متوالية، كان آخرها في يناير عام 1982، وهو نفس العام الذي شهد إقالة معظم قيادات الجيش وحل الحكومة بعد أن أخذ الرئيس النميري يواجه عزلة حتى داخل نظامه.
توفرت الكثير من شروط قيام ونجاح الانتفاضة الشعبية في السودان، من أبرزها عزلة النظام، حتى وسط قطاعات هامة من أنصاره، وزيادة النقمة الشعبية عليه بين الغالبية الكاسحة، وبوادر تبلور وحدة المعارضة، إضافة إلى كثرة الأزمات التي تحيط بالبلاد، ومن أبرزها الأزمة الاقتصادية الطاحنة. ولعل المستغرب هو أن الانتفاضة لم تقع، كما كان الكثيرون يتوقعون، مع ظهور نتيجة استفتاء الجنوب في يناير عام 2011، وتصويت أكثر من 98' من الجنوبيين للانفصال.
وقد ساهمت عدة عوامل في تأخير التحرك الشعبي، من أبرزها تعقيدات السياسة السودانية، وخاصة استمرار التوتر والنزاعات المسلحة في دارفور ومناطق أخرى، إضافة إلى استمرار الخلافات مع دولة الجنوب الجديدة. إضافة إلى ذلك كانت هناك توقعات ببدء حوار بين الحكومة والمعارضة يؤدي إلى توافق على دستور جديد وإعادة ترتيب أمور البلاد بعد انفصال الجنوب. وبنفس القدر فإن تعثر محاولات توحيد المعارضة، إضافة إلى نجاح الحكومة في استقطاب أحد أهم أحزابها، وهو الحزب الاتحادي الديمقراطي، إلى صفوفها وتحييد منافسه الأبرز، حزب الأمة، قد أضعف المعارضة كثيراً. وفوق كل هذا فإن تفجر الحرب مع الجنوب، واستمرار التمرد المسلح من قبل حركات سياسية من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، صب في مصلحة النظام. فمن جهة، أخرج هذا النزاع المسلح قوى سياسية مهمة، مثل جناح الشمال في الحركة الشعبية، من المعادلة السياسية. ومن جهة أخرى، زاد الاستقطاب من السند الشعبي للحكومة. ويرجع قرار الاتحاديين بالدخول في حلف مع النظام، وتردد حزب الأمة في دعم المعارضة، إلى التخوف من أن يؤدي الاستقطاب والتصعيد العسكري من قبل المعارضة المسلحة إلى ضرب الاستقرار وانفراط عقد البلاد.
ولكن هذه التطورات لم تغير من طبيعة النظام الأحادية ولا من أساليبه القمعية الإقصائية، حيث أن دخول قوى المعارضة في الحكم لم يترجم إلى مشاركة حقيقية في السلطة وإنما أدى، بالعكس، إلى تدجين الأحزاب المشاركة وابتلاعها من قبل النظام. وقد دفع اليأس من الإصلاح، إضافة إلى التدهور الاقتصادي المريع، بالكثيرين إلى تبني خيار المواجهة مع النظام باعتبارها السبيل الوحيد إلى التغيير.
ولكن التحركات الأخيرة حملت معها ملامح مقلقة قد تؤدي إلى تعثر وفشل الثور ما لم يتم تداركها. بداية نجد أن الشعارات التي تبناها بعض الداعين إلى الانتفاضة هي شعارات تكرس الانقسام. على سبيل المثال نجد أن أحد الشعارات التي حملتها الدعوة كانت تحمل عبارة تقول أن الانتفاضة هي انتفاضة 'ضد الكيزان'، وهو تعبير تستخدمه قوى اليسار وبعض الخصوم الآخرين لوصف الإسلاميين السودانيين.
ورفع شعار للانتفاضة باعتبارها موجهة ضد قطاع من الشعب، بدلاً من أن تكون ضد نظام قمعي، هي وصفة لحرب أهلية لا لانتفاضة ديمقراطية. ذلك أنه حتى في سورية لم يقل الثوار هناك بأن هذه ثورة ضد العلويين او ضد البعثيين، وإنما النظام هو الذي يستخدم مثل هذه التوصيفات. بل حتى في اوروبا الشرقية لم يقل الثوار أن انتفاضاتهم كانت ضد الشيوعية والشيوعيين. ذلك أنه ليس من الحكمة في شيء استعداء قطاعات من الشعب، حتى لو كانت أقلية. وتصبح المسألة إشكالية أكثر كون قطاعاً مهماً من الإسلاميين، على رأسهم المؤتمر الشعبي بقيادة الشيخ حسن الترابي (الذي اقتبست تسمية الإسلاميين بـ 'الكيزان' من عبارة منسوبة إليه) يشارك في الاحتجاجات، بل ويقودها.
إضافة إلى ذلك فإن خطاب بعض دعاة الثورة الموجه لأنصار النظام، كما تابعته على مواقع الانترنيت، يطفح بالتهديد والوعيد، من نوع: لقد جاء اوان الفتك بكم، وانتظرونا لو كنتم رجالاً، وما إلى ذلك من العبارات الفجة. وإذا لم يكن من الحكمة استعداء اي قطاع شعبي مهم، فإن من الحماقة أن يتوعد دعاة ثورة مدنية يخوضها مدنيون عزل خصومهم بالويل والثبور وعظائم الامور، لأن ذلك هو تحديداً ما يريده النظام لتبرير الإجراءات القاسية ضدهم.
ما كان مزعجاً اكثر في بعض خطاب دعاة الثورة هو بعض التلميحات القبلية والعرقية، بل ما هو أسوأ من ذلك. فقد اطلعت مثلاً على تصريحات لقيادي يساري من دعاة نصرة المهمشين والمستضعفين، يعير فيها بعض قادة نظام الإنقاذ بأصولهم الفقيرة!! مثل هذا الخطاب الذي يجنح إلى الإسفاف، لا يتسق مع نبل الاهداف الثورية، ويزيد من الاستقطاب الذي يعوق العمل الثوري السلمي.
أخيراً هناك دور الفصائل السياسية المسلحة، التي دعاها البعض إلى التدخل لـ 'حماية الثورة'. وقد كنا كررنا مراراً من قبل أن جنوح بعض الفصائل السياسية إلى العمل المسلح، مهما كانت مبرراته، يعوق الجهود الرامية إلى التغيير السياسي السلمي المنشود. ويتعقد الأمر أكثر حين يفيض الخطاب 'الثوري' باتهامات للقوات النظامية بأنها عبارة عن ميليشيا تابعة للنظام، إلى درجة تصل إلى رفض أن تلعب أي دور في إسقاط النظام. مثل هذا الاستعداء للقوات النظامية، مع المطالبة بدور لجهات مسلحة هي ميليشيات بحق وحقيقة، وذات سند سياسي وجهوي محدود، يتضاءل عند بعضها إلى فخذ القبيلة الواحدة، هو وصفة للتفتيت والاستقطاب والاحتراب، لا للانتقال الديمقراطي.
هناك بالمقابل نقطة إيجابية مهمة، تمثلت في إعلان قيادات الحركة الشعبية قطاع الشمال والجبهة الثورية ان الحركات ستضع سلاحها حال تغيير النظام. وهذه بالقطع مبادرة مهمة تساهم في تصحيح الأوضاع. ولكن النظام في السودان لن يتغير بدون مشاركة الإسلاميين، وبالقطع ليس بدون مشاركة القوات المسلحة، أو تحييدها على الاقل. فالإسلاميون في السودان، رغم ما ارتكب باسمهم من كبائر، قوة لا يستهان بها. ولم تنجح قط ثورة عربية لم يشارك فيها الإسلاميون، ناهيك عن أن تكون ضدهم. ولا عبرة هنا لما يقوله خصوم الإخوان في مصر بأنهم التحقوا بالثورة متأخرين، فهذا زعم تكذبه الوقائع، حيث أن هناك تصريحات مثبتة لقيادات الإخوان قبل انطلاق ثورة 25 يناير بأن الأجهزة الأمنية هددتهم بالويل والثبور لو شاركوا في المظاهرة، ولكنهم رفضوا التهديد. وتجمع قوى الثورة بأن الإخوان لعبوا الدور الابرز في حماية ميدان التحرير يوم موقعة الجمل، وبالتالي ضمنوا نجاح الثورة.
لكل هذا فإن ضرورات نجاج الثورة السودانية المرتقبة بأقل كلفة ممكنة يتطلب اول ما يتطلب تبني خطاب سياسي متزن وغير إقصائي، والتبشير بسياسات تصالحية تستوعب الجميع. ثم هو يتطلب ثانياً الابتعاد عن استعداء القوات النظامية بدون تمييز، كما يستدعي من الفصائل المسلحة أن تنأى بنفسها عن الخوض في الأمر، إلا إذا قررت سلفاً وضع السلاح واختيار أسلوب العمل السلمي. وفوق ذلك، لا بد من فتح قنوات التواصل مع جميع القوى السياسية، وإنشاء 'تنسيقيات' للثورة تشارك فيها كل القوى الفاعلة، وتتفق على برامج مستقبلية أساسها ترسيخ الديمقراطية واعتمادها منهجاً.
يبقى أن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار، ولا يزال الخيار المفضل هو أن تتقدم الحكومة بمبادرة مؤتمر وطني يتوافق على ملامح دستور جديد وخطوات توافقية لانتخابات مبكرة. أما إن لم يتيسر ذلك، فلا بد لأنصار النظام، وقيادات القوات المسلحة، من النظر في اتخاذ خطوات تضمن عدم انجرار البلاد إلى الفوضى والانهيار. ولا شك أن التحركات الشعبية الحالية، إذا تم إحسان تنظيمها وإدارتها، ستشجع بعض القوى الفاعلة داخل الحكم على اتخاذ القرارات الصائبة التي تجنب البلاد ما هو أسوأ بكثير. ولكن الأهم من كل ذلك هو أننا نرجو أن ينأى الإسلاميون من مناصري النظام من أن يتحولوا إلى 'شبيحة' يمارسون العنف دفاعاً عن النظام، لأن السودان هو حقاً ليس سورية!
...تابع القراءة

عبد الباري عطوان

كان لافتا ان بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل لم يكن بين مهنئي الدكتور محمد مرسي رئيس مصر الجديد، بينما جاءت تهنئة باراك اوباما الرئيس الامريكي متأخرة بعض الشيء، وكذلك حال تهنئة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز.
تأمل ردود فعل هذا المثلث الامريكي ـ الاسرائيلي ـ السعودي لوصول رئيس اسلامي الى قمة السلطة في قاهرة المعز، يمكن ان يحدد ملامح المرحلة الجديدة، ليس في مصر، وانما في منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
الاسرائيليون هم الاكثر قلقا دون شك، لان سلامهم البارد مع الدولة العربية الاكبر الذي اعطاهم 34 عاما من الامن والاستقرار (عمر اسرائيل 64 عاما فقط) مرشح لكي يتحول ليس الى صقيع، وانما الى حرب باردة، قد تسخن بشكل تدريجي مع ترسخ اسس التحول الجديد بقيادة اول رئيس اسلامي ينتخب عبر صناديق الاقتراع في تاريخ مصر، الذي يمتد لأكثر من ثمانية آلاف عام.
محور القلق الاسرائيلي هو مصير اتفاقات كامب ديفيد والتنسيق الامني المتفرّع عنها، واحتمال التغيير في قمة الجهاز الأمني المصري، ووصول رئيس استخبارات اسلامي محل الجنرال مراد موافي، الذي حلّ محل اللواء عمر سليمان صديق اسرائيل الوفي.
الدكتور مرسي طمأن الامريكان والاسرائيليين بقوله في خطابه الاول بأنه سيحترم المعاهدات الدولية، دون ان يذكر معاهدة كامب ديفيد بالاسم، ولكننا لا نستبعد ان يعمل على تعديل الكثير من بنود هذه المعاهدة.
' ' '
واذا وضعنا في اعتبارنا ان الدكتور مرسي كان مدير اللجنة الوطنية المصرية لمناهضة الصهيونية، فإننا لا نملك الا ان نأخذ بما نقلته عنه وكالة فارس الايرانية، بالعمل على تعديل المعاهدة، بل ربما الغاءها في وقت لاحق، اذا ما نجح في تثبيت اقدامه ينسجم مع مواقفه ومواقف حركة الاخوان المسلمين.
الاسرائيليون يتمنون استمرار التنسيق الامني مع المخابرات المصرية والمجلس العسكري المصري الحاكم الفعلي للبلاد، ولكن هذه الأمنيات قد تتبخر في حال تولي شخصية اسلامية قيادة جهاز المخابرات. مما سيؤدي لادخال هذا التنسيق غرفة العناية المركزة قبل دفنه نهائيا.
من المؤكد ان تعديل او الغاء معاهدة كامب ديفيد ليس من اولويات الدكتور مرسي وحكومته، والشيء نفسه يقال عن المواجهة مع المجلس العسكري، فالاقتصاد هو التحدي الحقيقي الذي سيتصدر سلّم الأولويات، بما في ذلك ايجاد وظائف لأكثر من عشرة ملايين عاطل عن العمل تقريبا.
هناك نظرية في الغرب، ابو الرأسمالية العالمية وامها، تقول ان البورصات المالية هي مقياس الاستقرار في البلاد والمؤشر الحقيقي لمستقبلها الاقتصادي، واذا صحّت هذه النظرية، فإن المستقبل قد يكون مشرقا للدكتور مرسي، فقد ارتفعت الاسهم في البورصة المصرية وبعد يوم واحد من فوز مرسي بأكثر من ستة في المئة، المعدل الاعلى المسموح به، وجرى بعدها وقف التعاملات.
الدكتور مرسي يتربع على عرش خزينة خاوية بعد عام ونصف العام تقريبا من مقاطعة مالية عربية وغربية على حد سواء، والدكتور الجنزوري رئيس الوزراء الحالي قدّر حاجات مصر الملحة من الاموال في حدود 15 مليار دولار، والسؤال هو من اين ستأتي هذه الاموال؟
المملكة العربية السعودية الدولة العربية الاغنى، لا تكن ودّا للاخوان المسلمين، ولم يتورع الامير نايف بن عبد العزيز ولي العهد الراحل عن وصفهم بأنهم اساس البلاء، اما دولة الامارات العربية المتحدة فتختلف مع شقيقتها الخليجية الكبرى في كل شيء تقريبا، باستثناء مشاركتها العداء نفسه، والفريق ضاحي خلفان تميم قائد شرطة دبي يواصل حربه الضروس على 'التويتر' ضدهم، ومن هنا فإن وقوف الدولتين الى جانب حكومة الدكتور مرسي ماليا يبدو غير متوقع، ان لم يكن مستحيلا.
العداء الخليجي ربما يكون السبب وراء التصريح الذي ادلى به رئيس مصر الجديد الى وكالة انباء 'فارس' الايرانية، وقال فيه انه سيسعى الى اقامة علاقات طبيعية مع ايران، الامر الذي ازعج دولا خليجية ترى فيها العدو الاخطر من اسرائيل.
ويصعب علينا ان نفهم هذا الانزعاج من اي تقارب مصري ـ ايراني، فجميع الدول الخليجية تقيم علاقات دبلوماسية مع ايران، ومن المفارقة ان السفارات الخليجية هي الاضخم في العاصمة الايرانية طهران، فلماذا تحرّم دول الخليج على مصر ما تحلّله لنفسها؟
' ' '
ورغم نفي رئاسة الجمهورية في القاهرة ادلاء مرسي بتصريحات للوكالة الايرانية الا ان التقارب مع طهران ليس مستبعدا.
مهمة الرئيس المصري الجديد ليست سهلة، ولكنه قطعا سيعمل على دفع مصر نحو مرحلة التغيير في غير صالح الهيمنة الامريكية ـ الاسرائيلية على المنطقة بأسرها، خاصة تجاه العلاقات مع اسرائيل، فشهر العسل المصري ـ الاسرائيلي انتهى وربما الى الابد، وهذا ما يفسر الاحتفالات الضخمة التي سادت قطاع غزة بمجرد اعلان نتائج الانتخابات، وسقوط الفريق احمد شفيق المرشح المفضل لاسرائيل، وهذا ما يفسر ايضا حالة الاكتئاب التي سادت مقر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله.
مصر عادت الى شعبها وعادت الى العرب جميعا في الوقت نفسه، وبدأت خطواتها نحو النهضة التي ينتظرها الجميع، صحيح ان هناك من يريد وضع العصي في دواليبها لعرقلة مسيرتها، ولكنها مطبّات مؤقتة ستتجاوزها عربة التغيير بثقة واقتدار.
الدولة المصرية لن تكون عسكرية ولن تكون دينية، وانما دولة مدنية بنكهة اسلامية، ترتكز على اسس ديمقراطية راسخة، وحركة الاخوان تتعلم من اخطائها، وخير الخطائين التوابون، وصلّوا معي من اجل مصر الجديدة التي بزغت شمسها امس الاول. 
...تابع القراءة

كثُرَّ الحديث في الآونة الأخيرة عن إمكانية توجيه إسرئيل، أو الولايات المتحدة، أو الإثنتين معاَ ضربة عسكرية لإيران. كما وذهب البعض إلى الإعتقاد بأن ضربة من هذا النوع من شأنها أن تؤدي إلى حرب إقليمية ينجرُّ إليها سوريا وحزب الله في لبنان. وهناك أيضاً من بدأ يشعر بإمكانية وقوع حرب عالمية في المنطقة. وذلك بسب تداعيات الأزمة السورية المتفاقمة ودخول روسيا والصين على خط هذه الأزمة وإصرارهما على إستخدام حق النقض ـ الفيتو- في مجلس الأمن. ذلك ما يمنع صدور قرار تحت الفصل السابع يفرض وقف قتل المدنيين واللجوء إلى حلٍ سياسي ينهي الأزمة . وكان رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف قد حذر من أن أي عمل عسكري متسرع ضد دول ذات سيادة قد يؤدي الى صعود الجماعات المتطرفة كما يمكن ان يشعل حربا نووية إقليمية في إشارة إلى منطقة الشرق الاوسط التي تشهد توترات في أكثر من بلد. 
إلا أن ثورات الربيع العربي والتصدع الكبير الذي أحدثته في جدار التوازن الجيوسياسي الهش الذي كان قائماً قبل سقوط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك في مصر، وتأرجح نظام الرئيس بشار الأسد الآيل إلى السقوط في سوريا فاجأ كل أطراف الصراع في المنطقة وجعلها تعيد النظر في حساباتها. ووضع قضايا الصراع الأساسية في الشرق الأوسط في حالة أصبح معها الحسم ضرورة لا تقبل التأجيل. ويمكن أن نُجمِّل هذه القضايا كما يلي:
1 ـ إن حل الدولتين الذي قامت على أساسه المفاوضات بين الفلسطنيين والإسرائيليين، والذي أستند إلى مرجعية مؤتمر آوسلو لعام 1992، قد وصل إلى طريقٍ مسدود لم يَعُّدْ معه تقدم التفاوض ممكناً. وذلك لأن حل الدولتين هو بالأساس حلٌ غير عملي ولا يُمكن تطبيقه على أرض الواقع. لأن الحد الأعلى الذي يمكن لأكثر الإسرائيليين تهاوناً التخلي عنه هو أقل بكثير من الحد الأدنى الذي يُمكن للمتسامحين من الفلسطينيين القبول به لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. ومن المعروف أيضاً أن معظم الحكومات الإسرائيلية المُتعاقبة غير مقتنعة بحل الدولتين. وخاصةً الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو. 
فنتنياهو لم يُخفِ يوماً بأنه لا يؤمن بغير الوطن البديل حلاً للقضية الفلسطينية. وعندما سُـئل إسحاق شامير رئيس وزراء إسرائيل إثناء مؤتمر مدريد للسلام عام 1991عن سبب قبوله بالتفاوض مع الفلسطينيين، نُقِّلَ عنه قوله: نحن وافقناعلى التفاوض ولم نوافق على ماهية التفاوض ولا أمده، وأما الفلسطينيون كانوا قد وافقــوا على التفاوض بقيــــادة الرئيــــس الراحل ياسرعرفات حينها تحت الضغط الدولي، وتحديداً من قِبَل الولايات المتحدة. وكانوا يأملون بتغيُّر الظرف الدولي مع الزمن وتغيُّر ظروف التفاوض معه لمصلحتهم. مُستندين بذلك إلى مبدأ الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبه - خذ ثم طالب- .
أما الإسرائيليون فكانوا وعلى مدار العشرين عاماً الماضية يستخدمون التفاوض كورقة ضفط على المجتمع الدولي لإبتزازه وإطالة عمر التفاوض وفرض وقائع جديدة على الأرض تقلل من مطالب الفلسطينيين المتفاوض عليها، وخاصةً عندما يتعلق الأمر ببناء المستوطنات.
2 ـ إن إمكانية التعايش بين إسرائيل وإيران بدأت تقترب من نهايتها وذلك مع إقتراب إيران من إنتاج القنبلة الننوية. حيث أن إسرائيل لاتستطيع القبول بإيران نووية وذلك من مبدأ حرصها على أمنها وتفوقها النوعي في المنطقة. وبالمقابل إيران لا تسطيع إلا أن تكون نووية ولنفس المبدأ. ففي جوارها خمس دول نووية. باكستان والهند. روسيا والصين. وعلى حدودها في إفغانستان تتواجد الولايات المتحده بقواعدها وقواتها. وكذلك على الجهة المقابلة في العراق ودول الخليج. وهي لديها الكثير ما يهدد أمنها.
3 ـ إن وصول أمريكا في حربها على العراق وإحتلالها له إلى طريقٍ مسدود بسبب السياسات الخاطئة للرئيس السابق جورج بوش وطاقم إدارته من المحافظين الجدد أطلق يد إيران، ليس في العراق وحسب، وإنما في سوريا ولبنان أيضاً. وجعلها تتمادى على دول الخليج وتتطاول على تركيا. وكذلك تتدخَّلُ في شؤون إفغانستان.ذلك ما يضع الولايات المتحدة في موقعٍ حرج يؤخر، إن لم يعطِّل مشروعها في المنطقة. ويضعها وجهاً لوجه مع روسيا والصين بحكم مصالحهما مع إيران بشكلٍ خاص، وفي المنطقة بشكلٍ عام.
4 ـ إن العملية السياسية التي كان قد أنتجها الإحتلال الأمريكي في العراق والتي تعتمد على أساس المُحاصصة الطائفية تمخضت عن كتلٍ سياسية هشة تحرص على بناء كياناتها الطائفية، والتي يرتبط معظمها بإيران، ودونما إكتراثٍ لبناء الوطن. ذلك مما حوَّلَ العراق إلى دولة فاشلة بالرغم من كل إمكانياته وثرواته وقدراته على لعِّبِ دور فاعل ومؤثر في محيطه العربي والإقليمي. بل ويمكنه، في ظلِّ ظروفٍ طبيعية، أن يوفر التوازن المفقود في منطقة الخليج الغنية بالنفط والذي يمثل إضافةً إلى إسرائيل أساس الصراع في المنطقة وعليها. 
5 ـ إن مبدأ العيش المشترك بين الأطراف اللبنانية والمستند إلى قرار مؤتمر الطائف لعام 1989 والذي هو الآخر يعتمد على المحاصصة الطائفية قد وصل أيضاً إلى طريقٍ مسدود. لم يعد معه العيش المشترك بين الشركاء في الوطن ممكناً. حيث باتوا يختلفون حتى على مبدأ تعريف الوطن. ومن يحق له حمايته، وكيف يمكن له أن يُحمى. وأصبحت المرجعية الطائفية هي الأساس. والوطن هو التابع الذي يتوجب عليه أن يتبع هذا المَرجِّعْ أو ذاك.
6 ـ لم يعد ممكناً للدور التركي في المنطقة أن يبقى محدوداً ومقتصراً على دور الجار الذي لايرغب أن يتدخل في شؤون جيرانه، وعلى طريقة المثل القائل ،، ياجاري إنت بدارك وآنا بداري، ففي العشر سنوات الماضية التي كانت فيها إيران تزيد من نفوذها في المنطقة، كانت تركيا توجه أنظارها إلى الغرب طمعاً بموقع في الإتحاد الآوربي. والإبقاء على الشرق ركيزة يمكن أن تعود إليها وقت الحاجة. ووقت الحاجة بالنسبه لتركيا هوالآن. حيث وبعد أكثر من عقد من الزمن على حكم حزب العدالة والتنمية بقيادة رئيس الوزراء رجب طيــــب آردوغان توصلت تركيا إلى القناعة بعكس المعادلة. 
أي تثبيت أقدامها في الشرق والعودة إلى الغرب بفاعلية وقوة أكبر. وخاصةً بعد نجاح تجربة الإسلام المعتدل فيها والتي كانت قد أقنعت الغرب بنجاعتها. بل وأصبحت الولايات المتحده تروِّجُ لها كنموذج للحكم في الدول العربية والإسلامية. وبدأ هذا الإعتقاد يترسخ بعد وصول الإسلام المعتدل إلى السلطة في كلٍ من تونس ومصر بعد أن أسقطت ثورات الربيع العربي الحكم القديم فيها. كما ويجري الإعتقاد بأن حكم الإسلام المعتدل سيخفف من التطرُّف الذي كانت قد زادت حدّته بعد أحداث 11 أيلول في الولايات المتحدة عام 2001، ويعمل على التقليل من هجرة المسلمين إلى الغرب. بل ويمكن للكثير من المهاجرين المسلمين المستوطنين في دول الغرب أن يعودوا إلى البلدان التي كانوا قد هاجروا منها بعد تغير الظروف فيها. ذلك مما يساعد في حلحلة مشاكل الهجرة المتفاقمة في العديد من الدول الأوربية.
7 ـ إن الخوف من سلطة الأنظمة القمعيّة في المنطقة قد سقط مع بدء ثورات الربيع العربي. بحيث أصبح التعايش بين الشعوب التوّاقة للحرية والأنظمة الدكتاتورية التي تحكم في بُلدانها أمراً مستحيلاً يقتضي هزيمة أحد الطرفين. وتجارب التاريخ علمتنا بأن إرادة الشعوب هي المنتصرة. لكن حالة عدم الإستقرار المؤقتة التي ترافق الثورات في البداية تضيف عامل توترٍ أخر إلى منطقةٍ هي بالأصل غير مستقره وفيها الكثير من عوامل التوتر.
8 ـ وأخيراً إن الوضع المُتفجِّر في سوريا قد وصل إلى حافة الهاوية ولم يعد معه الإنتظار ممكناً. ففي حال فشل مبادرة السيد كوفي عنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية في إيجاد حلٍ سريع وناجز للأزمة سيدفع بسورية والمنطقة برُمتها إلى آتون صراعات مسلحة وأعمالٍ عسكرية محلية و إقليمية. وذلك بحُكمِ موقع سوريا الجييوسياسي وتأثيرها وتأثرها بكل قضايا الصراع في المنطقة والتي تم ذكرها في النقاط السبعة السابقة.
ويبقى السؤال هناهل ستترك الولايات المتحدة اللاعب الأكبر في المنطقة الأمور تسير على غاربها دونما تدخُّل يذكر؟ وهل يغامر الرئيس الأمريكي باراك أُوباما بعملٍ عسكري في المنطقه قُبيّْلَ إنتخابات الرئاسة المقررة في 6 تشرين الثاني/نوفمبر من هذا العام؟ وهل يمكن لعملٍ عسكريٍّ من هذا النـــــوع أن يساعده للفوز بدورة رئاسية ثانية في الوقت الذي بدأت شعبيته تتراجع أمام منافسه المُحتمل عن الحزب الجمهوري ميت رومني. وذلك بسبب الوضع الإقتصادي المُترهل ونسبة البطالة التي مازالت تراوح حول التسعة بالمئة؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في مقالاتٍ لاحقة.

د. رياض العيسمي : اكاديمي سوري مقيم في امريكا
...تابع القراءة

قد تظهر الاجابة - بشيء من التسطيح - سهلة وبسيطة عن سؤال كهذا سواء بالاستدلال بقوانين الكون ونواميسه التي لا تؤمن بالجمود والسكون، أو بالرجوع لمعاني التفاؤل والثقة بالله التي تستدعي رفع الظلم عن المظلومين وتمكين الصالحين، ولكن ما يهم في كل هذا وذاك هو اليأس الحقيقي الذي بدأ يصيب في نظري كل الأحزاب المحسوبة على المعارضة في إمكانية الانعتاق من هذا النظام الذي عاث فسادا في الحرث والنسل ولا تكاد بقعة على هذه الأرض الطاهرة إلا ودنسها سواء برجاله أو من خلال زبانيته وعملائه.
إن المراقب للمشهد السياسي الجزائري ليكاد يجزم أن العيب والمشكل ليس في هذا النظام الجائر فهو طبعه؛ بل في الشعب نفسه ونخبه الذي ارتضى لنفسه الذل والهوان وألف التعايش مع وحش ضار .. فلا هو آمن تمام الأمان ولا هو خائف لحد الفوران واختراق الحصن والأركان، فقد نسأل أنفسنا في لحظات الاعتراف مع الذات : ما هو نظامنا ومن هو؟ وهل تكفي ثورة لإسقاط هذا النظام؟ وهل هناك شعب في هذه البلاد سيقود الثورة إن اشتعل فتيلها؟ كلها أسئلة قد نطرحها أحيانا كما قد تطرح نفسها احايين كثيرة أخرى، وفي خضم هذا الغموض الذي يكتنف استراتيجياتنا في الانعتاق ينبثق السؤال الأكثر تحييرا للعالم قبلنا : هل من الممكن حقيقة الإنعتاق من هذا النظام؟
وأنا بهذا السؤال لا أستجدي إجابة الكسلاء المتوارين خلف أستار فيسبوك أو موقع أو أي وسيلة أخرى بل أتعمق في كنه الظاهرة السيستامية الجزائرية التي دجنت جل الأحزاب وقوضت أركان المستعصي منها وزورت بلا هوادة كل انتخابات بمعنى وبدون معنى، وشككت المواطن الجزائري في كل شيء حتى في شخصه، فمن كان بربكم ينتظر نتيجة للتشريعيات كما أقرها المجلس الدستوري الظالم؟ أقولها وبكل بساطة إن أقوى وأشرس المقاطعين للانتخابات وأقدمهم لم يكن ينتظرها كما آلت إليه حقيقة ..
ربما قد أجبت في مقال سابق عنونته بـ ' لماذا تجرأ النظام الجزائري؟ 'عن أسباب ودواعي الثقة الكبيرة التي كان يحملها النظام لتبرير فِعل ما فعل، ولن أبتعد كثيرا عن محيط ما كتبت في ذلك المقال بل سأقاربه بتقويض نظري على الأقل لنقاط القوة التي ارتكز عليها وبذلك نقترب من فهم الطريقة التي بها يمكن للشعب الجزائري الانعتاق من جور هذا النظام .
قد أحتمل تارة وأجزم تارة أخرى أن أربعة نقاط رئيسة هي الكفيلة بتقويض أركان هذا النظام وتتمثل في رأيي في :
إعلام معارض فاعل: فإن أكثر ما يريح النظام الجزائري هو فلاحه في إشغال الجزائريين بمتابعة كل ما هو شأن غير جزائري سواء رياضيا أو سياسيا أو اقتصاديا وإبقائه خارج السياق ؛ ولا بأس ببعض النقد على ما تبثه اليتيمة وأخواتها، لذلك فإن أهمية الاعلام الخاص عموما والمرئي خصوصا له من الأهمية ما لم يبق لنا فرصة إيضاحها قديما و حديثا، وهذه الأهمية أدركها جيدا هذا النظام فمنع طيلة هذه السنوات حرية الإعلام، ولكن ومع فتح المجال السمعي البصري وجب وجوبا إلزاميا لا انتخابيا استغلال هاته الوسيلة لفضح هذا النظام وتعريته وتبيان حقيقة ما تعيشه الساحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الجزائرية، وفضح الفساد والمفسدين المتاجرين بالجزئر لا بمدخراتها فقط مع اعتبار الاحترافية وتوظيف الخبرات معيارا أساسيا ورئيسا لاكتساح الساحة الإعلامية، وفتح مجالاتها على كل الحساسيات السياسية وعدم اقتصارها على حزب واحد أو توجه أوحد حتى تضمن الالتفاف الشعبي حولها.
توافقية معارضتية: وهذه النقطة فلح النظام في منعها أيما فلاح فشتت الأيديولوجية الواحدة إلى أيديولوجيات متناحرة وفرّق الأحزاب المؤمنة بنفس الفكر إلى حزيبات مقزّمة فاعلية وفعالية، فأصبحت معركة هاته الأحزاب جميعها ليست باتجاه الطرف الصحيح؛ بل توجهت معاركها السياسية وحروبها الإعلامية إلى تفتيت أركانها وتقزيم أدوارها ؛ وكان في كل هذا التيه طرف منتصر واحد وهو النظام وخاسرون كثر .
لذا فإن قدر هذه الأحزاب - التي لا ترى خيرا في استمرار هذه الطغمة المستحكمة غير المستنيرة - أن تتوحد على توجيه جهدها لضرب أركان هذا النظام المتهالك بعيدا عن النرجسيات المنغلقة أو التعصبات العمياء لفكر أو منهج او طريق، إن التوافق على أرضية مشتركة يتنازل فيها كل طرف عن جزء من أهدافه السلطوية ويتداعى إلى مصلحة هذا الوطن قبل كل شيء لكفيل بأن يوحد الجهود ويقوي العزيمة و يركز القوة على توجيه الضربات المتتالية لجذر هذا النظام المتساقط؛ كما سيأتي في النقطتين القادمتين ،وماهي إلا سنوات قلائل حتى يرى الكل نتائج هذا التوافق، يصل بعدها أيا كان إلى الحكم فلن يهم بعدها إن وصل هذا او ذاك ما دام المنتصر هو 'الجزائر'.
اعتزال النظام: فيجب التوقف عندها مطولا فقد يفهم كلامي أنني أدعو إلى ثورة تسفك فيها دماء الجزائريين وينخلط فيها الحابل بالنابل لنعود إلى نقطة الصفر ..لا .. لست أدعو إلى ذلك، بل أدعو إلى التفكر في حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام حين حدّث أصحابه عن بداية هلاك الأمة في حكامها، حيث يروي أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: (يهلك الناس 'هذا الحي' من قريش. فقالوا ما تأمرنا يا رسول الله؟ قال لو أن الناس اعتزلوهم) .رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما. ويشرح الدكتور الفيلسوف عدنان ابراهيم هذا الحديث فيقول 'لو أن الناس اعتزلوهم' تعني المقاومة السلبية أو العصيان المدني... وهذا الذي ندعو له في كلامنا بحيث يترك التعاون مع هذا النظام بدءا بالإضرابات وانتهاء بعدم دفع فواتير الكهرباء والماء والغاز وكل الإتاوات والضرائب المفروضة في كل المجالات وليفعل ما شاء ... ولن يطول ذلك فسيسقط النظام حتما لأنه لن يجد من يحكم، ولا اريد ان يفهم كلامي أنه نظري غير قابل للتطبيق فالرسول عليه السلام حاشاه أن يأمر بما لا يستطاع .
فضح المستور: وهي القاصمة ؛ ففضح المستور المسكوت عنه إعلاميا من طرف المثقفين والسياسيين وهو تورط النظام في كل مآسي العشرية الحمراء فلم أقرأ يوما في جريدة كلاما من هذا ولا سمعت سياسيا يناقشه ويصرح به، وقد كانت حججهم سابقا الوضع الأمني غير القابل لمثل هكذا تصريحات او نقاشات وما عادت اليوم تلك الظروف قائمة، ومنه فإن السكوت عن هذا الأمر يعد من قبيل كتم الشهادة وإن كانت صفحات الانترنت بشتى مواقعها تمتلئ بمثل ذلك ولكن تأثيرها ضعيف لأن قراءها قلة وهم انفسهم من نفس شاكلة الساكتين المطبقين عن هذا الكلام...فكفانا جبنا وتبريرا لما لا يبرر.. ولنهتك عرض هذا النظام ولنخلص شعبنا وأنفاسنا حتى من أبوية السلطة التي يتبناها ويعتقدها ويؤمن بها هذا المستبد حتى العبادة.
وختاما لكلامي أقول: بغير هكذا طرائق لا يمكن للعمل السياسي التقليدي أن يفلح في خلع هذا النظام لأن النظام السياسي الجزائري كالشمس من اقترب منها احترق ومن ابتعد عنها تجمد وكل التاريخ السياسي منذ الاستقلال إلى اليوم ونحن نشهد احتراقات وتجمدات لكل من تعامل مع هذا النظام فحتى حسن نية البعض لم تعد تجدي اليوم نفعا، فآخر ورقة توت سقطت عن هذا النظام مع نتائج التشريعيات الماضية فالطلاق مرتين فإمساك بمعروف او تسريح بإحسان؛ وبعدها لا يكون إلا الطلاق البائن بينونة كبرى والذي لا تستحل معه الرجعة إلا بعد ثبوت المحلل، والذي نريده شرعيا لا تايوانيا...والحديث قياس.

عــلي بوحامد :  أستاذ العلاقات الدولية بجامعة قاصدي مرباح -ورقلة- الجزائر
...تابع القراءة