يبدو أن جميع التحليلات والتوقعات الخاصة بالانتخابات المصرية، قد تغيرت قبيل الدور الثاني الحاسم، وذلك بعد قرار المحكمة الدستورية، أمس، حل مجلس الشعب استنادا إلى عدم دستورية بعض مواد قانون الانتخابات الذي انتخب على أساسه، وهو القرار الذي يصفه الإسلاميون وبعض القوى الثورية بأنه إجراء مدبر، يهدف إلى تحجيم دور الإخوان المسلمين ومؤيديهم من التيارات السلفية في البرلمان، وذلك بهدف إعادة إنتاج نظام جديد، قد يكون شبيها بالنظام السابق، من خلال إعادة التوازنات في البرلمان الذي كانت تسيطر على قوته التصويتية جماعة الإخوان المسلمين بامتلاكها أكثر من 40% من مقاعده، بل وتهيمن على ما يقرب من 70% من قوته التصويتية بتحالفها مع الأحزاب السلفية.
هذا القرار يتيح للمجلس العسكري الأعلى استعادة السلطة التشريعية، لتعود الحال إلى ما كانت عليه خلال الفترة التي تلت الإطاحة بالنظام السابق، مما جعل بعض القوى السياسية ترى في هذا الإجراء، وإجراءات سابقة له، محاولات للسيطرة على مفاصل الدولة، من أجل تهيئة الأمور أمام أحمد شفيق، بصفته مقربا من المجلس العسكري، والقائد السابق لسلاح الجو المصري.
وفي المقابل، يرى المحللون أن هذه الإجراءات، وفي هذا التوقيت تعني أن مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي، سيواجه صعوبات كثيرة في حال فوزه بالجولة الحاسمة؛ فالأغلبية التي كان يتمتع بها حزبه في البرلمان لم تعد موجودة، وذلك على النقيض من أحمد شفيق الذي جاءت كل هذه الإجراءات لصالحه.
آخرون يقولون: إن المؤسسة العسكرية العريقة، بخبرتها السياسية التي تمتد أكثر من 60 عاما، لا تريد أن تؤول الأمور إلى ذوي الخبرة السياسية الأقل، أو ذوي التوجهات غير الوطنية الخالصة، لأنها تعي خطورة التحول الكامل، وتدرك أبعاد تغيير السياسات الخارجية بمصر، فضلا عن أنها لا تريد أن تصبح السلطة بأيدي مناوئين لها، مما يضعف هيبة الجيش، وبالتالي الهيبة المصرية كلّها.
ومهما يكن من أمر، فلا أحد يستطيع الجزم بنتيجة، وإن كانت المؤشرات تدل على وجود عمل كبير، وبالقانون، من أجل إبقاء اتزان السياسة المصرية، واستمرار تأثير مصر على المستويين الإقليمي والدولي.


نقل عن جريدة الوطن السعودية 

0 التعليقات

إرسال تعليق